المفتاح
حمزة عيسى ابو سنيمة
العمر / ١٦عاما
منذ أن اجتهد جدي ببناء بيته المطلّ على حواف الروح، جعل الباب كبير دق مساميره بيده، وكانت أخشابه متنوعة، خشبة من شجرة الزيتون، وخشبة من التين، وخشبة من شجرة اللوز، الباب بيارة صغيرة، وقبل أن يصنع الباب ذهب للحداد وطلب منه مفتاح من نحاس أصفر لامع....
كلما ذهب جدي للسوق ليبتاع السمسم والذرة والتين المجفف، علق المفتاح بخيط من القماش الأحمر على عنقه، حين يستحم جدي يظهر المفتاح على صدره كأن كوكب أصفر يلمع، حين ينام جدي يضعه بالقرب من زجاجات العطر، وعلبة مراهم الركبة، أيضا كان المفتاح جميل وكأنه لغة جديدة في عالم بعيد....
زاد الريح خارج البيت، مخلوط بطبول الحرب، الحرب بسطت غبارها في الشوارع حتى وصلت إلى ملامح الصمت، فدمعت عيون أهل القرى، منهم صار يركض وترك خلفه بيته، وحديقة العنب، كلهم تركوا البئر وصدأ الحديد، رحلوا وتركوا سفح الجبل، إلا جدي ظل يمسك المفتاح ويدور في البيت لا يعلم أين يخبئه، فوضعه في جيبه وقال: أنا لن أهرب...
عشرات الغيمات أمطرت على المخيم، ومئات من خيمات من أمل نصبوا في وجه الريح، وصار العهد هو العهد أن نفتح الباب من جديد ونشرعه لنسمات الجبل، ونعلق عليه أماني البيارات...