P B B Y

شهادة أمينة مكتبة العطاء

الأحد 15 شباط (فبراير) 2015

هل ذنبي انني فلسطينية؟ ايام الرعب

شهادة امينة مكتية العطاء خلال العدوان

عبلة اسماعيل حمد

بتاريخ 21/7/2014 م في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان و في تمام الساعة الثامنة صباحا اتصلت بي اختى الكبرى التى جاءت لتسكن في منزل والدي بعد ان دمرت قذائف الاحتلال منزلها لتقول لى: جهزى اغراضكم لأننا سننتقل الى جباليا لان الوضع في بيت حانون صعب ويزداد سوءا يوم بعد يوم وان معظم سكان المنطقة خرجوا من شدة القذائف على منازلهم الامنة. كنت مترددة جدا لكن الوضع وصوت القصف الذي يزداد علوا هو ما اضطرني للموافقة.

قمت بتجهيز بعض الملابس البسيطة لطفلي الصغير وأخذت بعض الاوراق المهمة لنا وركبت السيارة لأتفاجا انا وزوجي ان اخوتى من الذكور ووالدي لا يريدون الخروج لان المكان في بيت اهلى لم يصبه ضرر وان القذائف بعيدة عنهم وإذا حصل اى طارئ يستطيعون الهرب بدون النساء والأطفال. إتجه زوجي أيضا لمكان سكن اهلى ليروي لي بعد ذلك ما حدث معهم.

وانطلقنا نحو شقة سكنية في منطقة جباليا عند احدى الاقارب لنجد ان الكثير من العائلات تلجأ إلى مكانها هربا من الموت وقذائف الدمار. جلسنا جميعا حتى ما بعد العصر في غرفة صغيرة كل يروي ما حدث معه وما شاهده من دمار وخراب.

كان الجميع يقوم بالاتصال بمن تبقى في بيت حانون للاطمئنان. وبعد ان اصبح الاحتلال يستهدف اى منطقة يشعر بها اى جنس بشري اتصل بنا اخى الاكبر ليسأل هل يوجد مكان يتسع لهم؟ ورغم انه لا يوجد مكان قلنا نعم. وبعد نصف ساعة تنفسنا الصعداء وصل الجميع.

بدأوا يروون لنا صعوبة الوضع فالاحتلال توحش بشكل كبير حيث قامت دباباته وطائرات وقذائفه وصواريخه تستهدف الجميع، والكل من الحجر والشجر والبشر، وهم نجوا بأعجوبة الهية من الموت حيث استهدف المنزل بعدد من القذائف بل كل الحي المحيط بمنطقتهم.

لم يكن بمقدور كل المهجرين والأهل البقاء في نفس المكان لعدم اتساعه حيث لا يوجد به مقومات السكن من اثاث وفراش و…… لذا قررنا ان يخرج بعض منا وان نخرج انا وزوجي وطفلى ساجد وأختي وزوجها وأطفالها الاربعة.

خرجنا الى مكان فارغ لصديق زوج اختى في منطقة غزة انطلقنا مشيا على الاقدام مسافة كبيرة قبل ان نتمكن من استقلال سيارة ووصلنا المكان قبل اذان الافطار بساعة واحدة فقط، لنجد ان المكان لم يكن مأهولا حيث لا يوجد فيه شيئا لكن لم يكن ذلك ما هو صعب ولا ان يكون الجميع صائما، بل ان تقوم قوات الاحتلال باستهداف شقة سكنية في برج قريب من المكان الذي وصلنا اليه وأصيب طفلي في جبهة وجهه.

لم أتمالك اعصابي فقام زوجي بحمله والانطلاق به الى مستشفى الشفاء الذي يعتبر قريبا منا. وقام زوج اختى بشراء بعض الاساسيات من ماء وخبز واكل لافطار رمضاني صعب.

حيث لم يكن هناك مكان اخر نسكنه اضطررنا الى ان نقوم شراء اساسيات المنزل لنتمكن من العيش بكرامة رغم صعوبة الوضع المادي. عشنا وقضينا ايام صعبة جدا كل دقيقة نسمع اصوات انفجارات واخبار: تارة استشهد من تعرف وتحب، وأخرى دمرت منازل اقارب وأصدقاء وتارة قصفت جوامع عبادة الله وغيرها كثير كثير

لكن اللحظة الصعبة كانت عندما سمعت ان الاحتلال استهدف مكانا قريبا على قلبي قرب منزلى، جمعيتي التى اعمل بها واحتضنتني انا والعديد من الفئات والأطفال ومكتبتنا التى بنيناها بصعوبة شديدة وبدعم من المجلس العالمي لكتب اليافعين. ان تستهدف طائرات الاحتلال جمعية خيرية تهتم بالأطفال والنساء والشباب ومكتبة اطفال أفقدني الامل في ان يجد الانسان الامان.

في يوم رمضاني كانت هناك هدنة انسانية بين الطرفين فذهب زوجي وبعض الاهل لجلب بعض الملابس لطفلي وبعض الاغراض لنا من المنزل. وذهب الجميع لتنقد منازلهم ليجدوا ان بيت حانون اصبحت منطقة مدمرة بكل معنى الكلمة، حارات كاملة قد دمرت، اناس تحت انقاض منازلهم، شهداء بالعشرات. الوضع كان مأساويا عدد كبير من السكان أفطروا ذلك اليوم من شدة الكارثة وهول المصيبة والصدمة.

عاد الاهل بسلام ورأينا في اعينهم حجم المأساة. رجال بكوا الشجر والحجر والمنازل والبنية التحتية والحيوان والطير الذي لم تسلم .
وبعد انقضاء ايام عصيبة من التشريد والتهجير جاءت صدمتى الثانية بسماع انباء عن هدم منزلى بشكل كلى من قبل طائرة F16 صهيونية حاقدة طمست الجدران والأثاث لكنها لم تستطع طمس الارادة في الحياة والاستمرار.

وما ان سمعنا بدخول الهدنة الاخيرة حيز التنفيذ الى ان جمعنا كل اغراضنا وانطلقنا ليلا الى بيت حانون. رأيت دمارا وركاما لمئات المنازل والبيوت في مدينتي الصغيرة .فعلا رأيت في ركام بيتي مدى الحقد والكراهية الصهيونية للوجود الفلسطيني حرمنا الاحتلال العيش في بيوتنا كما حرم اطفالنا الصغار من اللعب بالعابهم والنوم في اسرتهم!

قضيت هذه الايام بحزن وتحدى وقوة وعطاء، فهل قضى قطاع غزة شهرا كشهر رمضان هذا، او يوم عيد مثل هذا؟

لا! لكن فخري انني فلسطينية واحب فلسطين!


| | خريطة الموقع | الزوار : 596 / 53552

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع غزة : العدوان والأزمات المستمرة  متابعة نشاط الموقع إبداعات جديدة   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC