بيان المجلس العالمي لكتب اليافعين حول الوضع الراهن في غزة
تأسس المجلس العالمي لكتب اليافعين (إيبي) بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بوقت قصير. كانت مؤسسة إيبي “يللا لبمان” تؤمن أن الكتاب يشكل جسراً للتفاهم والسلام بين الشعوب. وتؤمن ان على الأطفال أن يعلموا ما يعلمه أي قارئ جيد: أنتم لستم وحدكم للآخرين تجارب ومشاعر واحتياجات مثلكم تماماً. هناك عالم آخر لا تعرفون عنه شيئاً. الأطفال في غزة محاصرون وحياتهم تدور حول الكراهية والاضطهاد.
دعم المجلس العالمي لكتب اليافعين (إيبي) منذ عام 2008 مكتبتين للأطفال في قطاع غزة. تقع إحدى هاتين المكتبتين في المنطقة الشمالية لبيت حانون على الحدود مع الضفة الغربية وإسرائيل، والمكتبة الثانية تقع في الجنوب، جنوب بلدة رفح القريبة من منطقة العبور المصرية. تم تمويل هاتين المكتبتين بدعم من مؤسسة كاتبة الأطفال الأمريكية العظيمة كاترين باترسون وعائلتها. اختيرت الكتب من قبل خبراء إيبي في المنطقة واستغرق وصولها إلى غزة عدة شهور. تم تدريب أمناء المكتبات عن بعد لعدم امكانية وصول المدربين إلى غزة وكون سكان غزة ممنوعين من مغادرة القطاع.
وأخيراً تم افتتاح المكتبتين وتم إعادة فتحهما بعد غزو غزة على الرغم من أن عددا من مستخدمي المكتبتين اليافعين كانوا قد استشهدوا أثناء الغزو.
تقارير المكتبتين كانت مشجعة علماً أن احدا من إيبي لم يتمكن من زيارتهما. وأخيرا في عام 2013 بعد الربيع العربي استطاع وفد صغير من إيبي الدخول إلى غزة من خلال معبر رفح على الحدود المصرية. استطاع الوفد الذي تضمن رئيس إيبي ورئيس مؤسسة إيبي والمديرة التنفيذية ورئيسة فرع فلسطين القيام بهذه الزيارة المتميزة ولنرى عمل المكتبتين بأعيوننا، ما رأيناه من إنجاز فاقت كل توقعاتنا.
وجدنا الوضع في غزة افضل من التوقعات. كانت الأنفاق تعمل في ذلك الوقت. وقد وفّرت قطر مواد البناء لإعادة اعمار المباني التي تهدمت أتناء الغزو الإسرائيلي. كانت الرفوف مليئة بالمواد الغذائية. وبدت الأوضاع منظمة والفقر أقل مما تخيلنا.
انما هذا الانطباع عن السلام والنظام بدأ يتلاشى عندما بدأنا نتحدث مع الأهالي والأطفال الذين يستخدمون مكتبة رفح. فالأطفال الأكبر سناً يعملون في الحقول بعد المدرسة لمساعدة أهلهم في إعالة الأسرة وللمكتبة أثر كبير في حياتهم. وللوصول إليها يمشي الأطفال يوميا مسافة كيلومتر تقريبا سواء بعد العمل أو بعد المدرسة و لديهم عدة خيارات، منها:
يختار البعض اللعب بالكرة في قطعة الأرض القريبة من المكتبة او القراءة داخل المكتبة أو استخدام الحاسوب الوحيد أو الغناء أو كتابة القصص ورسمها أو تبادل الحديث مع بعضهم البعض. هم يشعرون أن المكتبة مكان آمن لهم لا يدخلها أحد لتشغيلهم.
فالأطفال أحرار في اختيار الكتب التي يريدونها في التعبير كتابة عما يشعرون به. كان مدهشا أن كتاب سندريلا هو المفضل لديهم في إستجابة لسؤالنا.
بسبب تعقيدات الوضع على معبر رفح انتظرنا الأطفال وأهاليهم ست ساعات ليعبروا لنا عن أهمية المكتبة بالنسبة اليهم. انها بمثابة ملجأ لهم. كون خارج المكتبة غير آمن.
أطفال بيت حانون في الشمال كانوا أكثر قلقا مع أن اهاليهم أخبرونا بأنهم أقل توترا واضطرابا عند ذهابهم الى المكتبة. كما اخبرونا عن خوفهم عند سماع صوت الطائرة بدون طيار عندما تحوم فوق رؤوسهم لأنهم يتوقعون أن احدهم قد يقتل. هؤلاء الأطفال عاشوا تجربة عدوانين على غزة. وقالوا أن العدوان الثاني كان الأسوأ لأنهم كانوا يعرفون ما يخبئه لهم العدوان. في غزة لا توجد ملاجئ للحماية من القنابل فهل يبقون في المنزل عند بدء تساقط القنابل أم يخرجون الى الشوارع. لديهم أصدقاء وجيران قتلوا في كلا الحالتين.
وها قد تحققت أسوأ أحلام هؤلاء الأطفال. أحكم إغلاق الحدود مرة أخرى واستمر ضرب القنابل. رفح مستهدفة. العدوان ممكن ولكن سكان غزة لن يتمكنوا من اللجوء إلى أي مكان. لا يوجد لديهم مكان ليخبئوا أطفالهم عند سقوط القنابل. حتى السوريين بالرغم من سوء الأوضاع التي يعيشونها إلا أنهم يستطيعون الهروب واللجوء إلى مكان آخر. الاطفال الفلسطينيون وعائلاتهم يحبسون في بيوتهم عندما تشن الحرب عليهم. في الحرب كما هو الواقع، يموت الأطفال بأعداد كبيرة.
يبدو أن لا وجود لسكان غزة بعيون العالم. كل شيء ممكن أن يحصل لهم. هناك سياسة معلنة تبرر القتل وفتح النار على المنازل علماً بأن ذلك يسبب اضرارا جانبية اضافية. في أي مكان في العالم يمكن أن يكون هذا العمل مقبولا؟ ألا يعتبر ذلك جريمة ضد الإنسانية؟
الآن مكتبتا المجلس في غزة مغلقتان ولا نعرف إلى متى. يعتبر الأطفال المكتبة مكان آمن حيث يمكنهم القراءة والكتابة واللعب وحيث لا يضطرون للعيش في خوف والبقاء في منازلهم. عندما تركنا غزة قابلنا شاباً في الباص كان في طريقه إلى مصر ليلتقي بوالدته للمرة الأولى منذ 15 سنة، وهي التي ذهبت إلى مصر لزيارة أقاربها هناك ولم يسمح لها بالرجوع وبقي أبنها مع والده غير المبالي وزوجة أبيه غير المتحمسة له. كان متشوقا للقاء أمه مرة ثانية وفي نفس الوقت كان خائفاً من أن يمنعه مسؤول مصري مستبد من الدخول. سألنا لماذا يكرهه الإسرائيليون وهو لم يعمل أي شيئاً لهم ونحن نتساءل اليوم أين هو الآن.
نأمل أن يكون هذا الموجز الذي يشكل انطباعاً أولياً لشهود عيان عن غزة وأطفالها كافياً لحث رؤساء حكوماتكم للاستماع لأيبي. سنة 2014 هي الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لاتفاقية حقوق الطفل. أن هذا العدوان الغاشم لحكومة إسرائيل على غزة كريه ومبغوض من جميع الشعوب وخاصة من أطفال فلسطين.
أحمد رضى خير الدين – رئيس إيبي، ماليزيا
باتريشيا الدانا رئيسة مؤسسة إيبي
جهان الحلو رئيسة إيبي - فرع فلسطين
ليز بيج المديرة التنفيذية – سويسرا
11 تموز 2014