P B B Y

قصة من الواقع 2

الاثنين 10 شباط (فبراير) 2014

ذهب أخي وبقيت الشجرة تبحث عمن يسقيها

الاسم: أريج معمر (العمر 15عاما. رفح

الشمس تميل إلى الغروب، وأنا هنا أسطر كلماتي، إنها ليست مجرد كلمات وعبارات عابرة، بل تحمل بين طياتها مشاعر وأحاسيس ينطق بها فؤادي "إنها نتاج حب وحزن" نتاج علاقة بين الحقيقة المرة التي نعيشها والحلم الجميل الذي الذى ذهب. إنها تجربة مؤلمة بين الأحلام والأمنيات والحقيقة التي تعذبنا.

إن المشاعر المؤلمة التي أكابدها لأتعايش مع حقيقة عالمي أحس بمذاقها الحاد بعد فترة...والعتمة التي علي أنا أكابد مرها لأنها قد خيمت على البيت بعد انطفاء شعاع الفرح منه.

لا أحد يعلم ما الذي يخبأه القدر لك يمكنه وبكل سهولة وبساطة أن يسلب منك شعاع كان يمدك بالحياة من دون أن تشعر، ولقد فعلها لقد سلبه مني وأخذه بعيدا ... بعيدا جدا. فلا يسع سطور أوراقي حمل الأحزان والهموم التي أعيشها لفراق أخي.

كنت أحيانا أتشاجر لم يكن يمر يوما من دون أن أتشاجر معه.. وأحيانا أوبخه. كلما تذكرت ذلك أتمنى لو أن كل هذا مجرد حلم قد طال وأنتظر اللحظة التي ينتهي فيها هذا الحلم وأن أسرح بخيالي بعيدا لأبعد كل هذا العذاب وأنسج خيوطا رائعة من آمال وأحلام أطمح لها. أتمنى لو أستطيع إبعاد ندمي فأنا لم أكن أشعر بأنني أكن وأخبىء في قلبي كل هذا القدر من الحب لأخي، فبعد فراقه أشعر بتحطم شيء في كياني ... كلما تذكرته!

أيمكن لضباب الأيام أن تمحو هذه الذكريات المؤلمة وتترك فقط الجميلة وإن فعلت ذلك فالجميلة منها أيضا تعذبني، وأجمل الذكريات يوم زراعته لشجرة الورد التي انتظر حتى يرى أول زهراتها فيفرح ويضحك ببراءة من كل قلبه وكم كان فرحا بها يلمس أوراقها بحنان ويسقيها برقة ولكن ماذا الآن ؟ ذهب أخي وبقيت الشجرة تبحث عمن يسيقها.

لقد رحل أخي ولم يترك إلا آثار من خلفه تعذبنا فكلما رأيناها أو مر طيفه ببالي تأتي الذكريات لتخنقنا بالماضي الذي كان جميلا ولكنه تغير الآن ...تأتي الذكريات لتشعرني بأنني وحيدة من بعد أن كنت أقضي وقتي بلعبي أو بشجاري معه ولا أعلم إن كل ذلك الشجار من سبب أو لم يكن هناك سبب؟ ولكن كل ما اعلمه وأفكر به الآن هو أنني قد اشتقت له كثيرا....كثيرا.

إن صورة وجهه وهو يضحك تبعث داخلي الصبر على آلام فراقه ولكن عندما أتذكر دمعته أو لو أنني أحطم كل شي لأذهب وأمسح له الدمع الذي يذرفه فهو يشعل في قلبي نارا لا أقوى على مقاومتها.

حين رحل أخي كان رحيله أول طرقة للحزن على حياتي صعقني موته وأسقطني في الذهول وفي دوامة حزن شرس. لقد كان فقده أول فجيعة عرفها قلبي .

يوم فقدانه قتلني شعور حزن أراه بعيدا عني كل هذا البعد. لقد كنت أذهب إلى ملابسه خلسة لأشتم رائحته من خلالها لعلها تشعرني بأنه لازال موجودا. روحه ذهبت عنا بعيدا.فأبكي لفراقه وأتحرق شوقا لرؤياه ففقدانه وكأنه كارثة تضع النهاية لكل الأشياء الجميلة.

لقد بقي الصمت المفر الوحيد الذي ألجأ إليه عندما أشعر بالحزن، ولكي اكسر طوق هذا الصمت فأنا أريد أن أشعر ببعض الراحة أريد أن أكتب ... ولعل هذه الكتابة تشعرني بأنني قد فعلت شيئا من أجل أخي ... شيء يحبه، فلعل الزمن يعطيني ويمدني ببعض الأمل الذي أشعر فيه وكأن أخي ما زال حاضرا وسيبقى هكذا إلى الأبد خالدا في عقلي وفكري.

لن يستطيع ضباب الأيام أن يسلبني ذكرياته لأنها الشريان الوحيد الذي تبقى ينبض بالحياة من بعده ولعل القدر يغير مسار حياتي فيجعلني أرى في وجوه كل الأطفال صورة أخي.


| | خريطة الموقع | الزوار : 423 / 64194

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع كتابات الأطفال   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC